القائمة الرئيسية

الصفحات

لم يكن "المليون ليرة سورية" رقما عاديا بالنسبة للكثير من السوريين قبل سنوات، إذ كان من يدّخره وكأنه "يحمل كنزا" ويصنف ضمن طبقة "المليونيرية" أو "الأشخاص المخمليين". "كانت تفلح وتزرع وتشتري" حسب ما يقول الأربعيني حسن المقيم في العاصمة دمشق، أما اليوم "تحولت إلى رزم من الأوراق لا تكاد تكفي معيشة ثلاثة أيام فقط

ومع الانهيار المستمر لليرة السورية في سوق العملات الأجنبية، خلال الأيام الماضية، بات المليون ليرة يساوي فقط أقل من 100 دولار أمريكي و متوسط الراتب الحكومي في سوريا حوالي 100 الف ليرة فقط أي 8 دولارات أمريكية ".

ونادرا ما تكشف حكومة النظام السوري الأسباب الحقيقية للأزمات الاقتصادية الحاصلة في البلاد ومن بينها أزمة العملة، فيما تحمّل كثيرا وباستمرار الدول الغربية والولايات المتحدة مسؤولية ما يحصل، وأن الأمر مرتبط بالعقوبات.

لكن خبراء الاقتصاد يرون القصة بواقع مختلف، يتعلق بشكل أساسي ببنية النظام السوري، والسياسات التي يسير من خلالها لإدارة البلاد سياسيا واقتصاديا، فضلا عن مفاصل الاقتصاد السوري التي لم يبق منها أي شيء على حاله.وتشير دراسة للباحث في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، محسن مصطفى إلى أن الموظفين في سوريا لا يعتمدون على رواتبهم التي لا تكاد تكفي عدة أيام، بل على مصادر دخل متنوعة.

ومن هذه المصادر: الحوالات المالية القادمة من الخارج، أو العمل بوظيفة ثانية في القطاع الخاص، بالإضافة لذلك قد يمتد الاعتماد على مصادر دخل غير مشروعة نتيجة الفساد المالي والرشاوى في الدوائر والمؤسسات الحكومية.

أما بالنسبة للعسكريين بالرغم من الزيادات الخاصة بهم فهناك مصادر أخرى للدخل جميعها غير مشروعة، سواء عبر عمليات التعفيش أو الإتاوة وفرض الخوّة على المدنيين والسيارات التجارية العابرة على الحواجز.

ويضاف إلى ما سبق عمليات الفساد المالي المتعلقة بعمليات الشراء والعقود والمناقصات التابعة لوزارة الدفاع، التي تشرف عليها لجان المشتريات في الوحدات العسكرية كل على حدا، حسب الدراسة المذكورة.

وتظهر سياسة النظام بما يتعلق بالرواتب، بأنها "دافعة نحو عسكرة المجتمع وتحويل العسكرة لمهنة كبقية المهن، وهو ما تم فعلا من خلال التعاقد معهم كمرتزقة ضمن الميليشيات أو إرسال المرتزقة إلى مناطق نزاع مسلح تحت إشراف روسي".وفي مارس الماضي كان "برنامج الأغذية العالمي" قال إن حوالي 12.1 مليون شخص في سوريا، أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعلها من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم.وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حاليا حوالي ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط، وتظهر أحدث البيانات أن سوء التغذية آخذ في الارتفاع، مع وصول معدلات التقزم بين الأطفال وسوء التغذية لدى الأمهات إلى مستويات غير مسبوقة.

وكان الأوساط المقربة من النظام السوري قد اعتقدت وصدّرت فكرة خلال الأشهر الماضية، مفادها أن الوضع الاقتصادي والمعيشي في سوريا سيتحسن، ولاسيما بعدما بدأت بعض الدول العربية بفتح أبواب العلاقة مع دمشق.

لكن ورغم الزيارات المتكررة و"أصداء النصر" التي تحدث عنها النظام السوري، إلا أن الوضع المعيشي والاقتصادي استمر بالتدهور نحو الأسوأ، وهو ما ترجمه تهاوي الليرة السورية في سوق العملات الأجنبية، منذ بداية الأسبوع الحالي.

تعليقات

محتوى الصفحة