القائمة الرئيسية

الصفحات

يعتبر "مسار أستانة السوري" الأطول قياسا بباقي المسارات، ومنذ انطلاقته قبل 6 سنوات تميز بآليته الممزوجة بين "السياسة والتطبيق على الميدان".

وبينما كانت نتائجه متفاوتة وانعكست بداية على تقسيم الأراضي السورية إلى "مناطق خفض تصعيد" تشي جملة من التصريحات والمواقف في الوقت الحالي إلى "تغيّر طرأ في الجولة العشرين منه".

وكان لافتا منذ الثلاثاء استحواذ "اجتماعات بناء الحوار بين أنقرة ودمشق" على اليوم الأول من "أستانة 20"، فيما أثار موقف كازاخستان في ختام المحادثات وما تبعها من تصريحات لمسؤولين روس تكهنات وأطلق تساؤلات عن الشكل الذي سيكون عليه المسار بين "الضامنين" (تركيا، روسيا، إيران) في المرحلة المقبلة.

ودعا نائب وزير الخارجية الكازاخستاني كانات توميش،  بشكل غير متوقع إلى اختتام المحادثات الثلاثية، بقوله إن "هدفها قد تحقق

ومن الواضح أن الموقف المذكور لم يكن ضمن خطة الأطراف الثلاثة المفاوضة، التي قالت في بيان مشترك بعد المحادثات إن الاجتماع المقبل سيعقد في وقت لاحق من هذا العام، وفق وكالة "رويترز".

بدوره أشار مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف إلى أن "قرار كازاخستان بتأجيل الاجتماعات بشأن سوريا من أستانا جاء كمفاجأة لروسيا وإيران وتركيا".

لكنه قال إن "صيغة أستانة ليست مرتبطة بمكان معين"، وإنه "سيتم تحديد ساحة جديدة لمواصلة الاجتماعات حول سوريا"، مضيفا: "المسار أكدت فاعليته ونشكر كازاخستان على استضافتها لأكثر من 6 سنوات".

"مفاجأة في التوقيت"

ومن غير الواضح حتى الآن الأسباب التي دفعت كازاخستان إلى "الإعلان عن ضرورة إنهاء مسار المحادثات في أستانة"، وكذلك الأمر بالنسبة للموقف الروسي الذي اختصره لافرنتيف بعبارة "المفاجأة".

في غضون ذلك لم يصدر أي تعليق من الجانب التركي والإيراني ومن جانب النظام السوري بشأن تغيير مكان انعقاد الاجتماع. وإن تم سيكون تغيرا جذريا لم يسبق وأن تم التطرق له خلال السنوات الست الماضية.

وأكد رئيس وفد المعارضة في محادثات "أستانة"، أحمد طعمة لموقع "الحرة" أن جدول المسار وآليته لم يطرأ عليها أي تغيير في الجولة العشرين، وأن "التغيير فقط يكمن في المكان" الذي دعت إليه كازاخستان".

ولا تعرف الأسباب التي دفعت الدولة المضيفة للمحادثات إلى هذه الخطوة، ويضيف طعمة: "يبدو لي أنهم غير مرتاحين ويريدون التخلص من هذا الأمر، فيما بدا الانزعاج على الجانب الروسي".

"المفاجأة كانت في التوقيت أيضا"، واعتبر رئيس وفد المعارضة أن الدول الضامنة للمسار أكدوا أنهم سيعقدون اجتماعا قريبا في النصف الثاني من العام الحالي، على أن يتم تحديد المكان لاحقا.

وجاء في البيان الختامي لـ "أستانة 20"، التأكيد على مواصلة المباحثات المتعلقة بتطبيع العلاقات بين تركيا ونظام الأسد، كما أكد "على أهمية دفع هذه العملية على أساس حسن النية وحسن الجوار من أجل مكافحة الإرهاب".

وهاتان العبارتان لم تكونا حاضرتين في البيانات الختامية للجولات الـ19 السابقة، كون مسار الحوار بين أنقرة والنظام السوري بدأ في أواخر العام الماضي.

وبحسب بيان "أستانة 20" كانت المشاورات الرباعية بنّاءة و"تمت مناقشة التقدم المحرز في إعداد خارطة الطريق لاستعادة العلاقات بين تركيا وسوريا".

كما تحدث عن "أهمية التنسيق مع عمل وزارات الدفاع والخدمات الخاصة في سوريا وروسيا وإيران وتركيا ومواصلة الجهود بهذا الاتجاه".

لكن وفي أعقاب الانتهاء من المحادثات التي استمرت ليومين صرّح نائب وزير خارجية النظام السوري، أيمن سوسان أن "الانسحاب التركي الكامل غير المشروط من سوريا هو المدخل الأساس لأي علاقات عادية مع تركيا، وغير ذلك فهو أوهام".

وأضاف أن "خارطة الطريق قابلة للتحقيق، لكن لها متطلبات في مقدمتها إقرار واضح بالانسحاب"، مشيرا إلى أن "اجتماعات أستانة حققت إنجازات مهمة على صعيد تقليص مساحة الإرهاب في سوريا وبشكل أساسي في مناطق خفض التصعيد الثلاث (ريف دمشق، درعا، حمص)".

لكن "في المنطقة الرابعة (إدلب) كان من الممكن أن يكون هناك نصيب من النجاح لولا مواقف تركيا"، حسب تعبير المسؤول السوري.

ماذا وراء "الساحة الجديدة"؟

وجاء انعقاد "أستانة 20" بعدما خرجت تركيا من انتخاباتها التاريخية، وما تبع ذلك من التعيينات الجديدة التي أعلنها الرئيس رجب طيب إردوغان على مستوى الاستخبارات والدفاع والخارجية.

وتركيا هي أحد الدول الضامنة والفاعلة في المسار منذ 2017، وجاءت الجولة أيضا في وقت تواصل أنقرة عملية بناء الحوار مع النظام السوري، والتي بدأت أولى محطاتها برعاية روسية أواخر العام الماضي.

وفي غضون ذلك وما بين الجولة 19 و20 من "أستانة" كان الملف السوري قد شهد سلسلة من التطورات المتعلقة بعلاقة الأسد بالإقليم والمحيط العربي، بعدما فتحت عواصم عربية أبوابها أمام العلاقة المستجدة مع دمشق.

وما تزال سوريا مقسمة بين 3 أطراف نفوذ، الأول تحت سيطرة النظام السوري والثانية خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة إلى جانب منطقة ثالثة في شمال شرق البلاد تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

ولا يقتصر الانقسام على قوى محلية، بل تجوب على معظم الأراضي السورية قوات ودوريات لقوى عالمية، من روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأميركية.

ولا يعرف بالتحديد كيف ستسير العلاقة بين أنقرة والنظام السوري في المرحلة المقبلة، ولاسيما أن الأخير يصر على شرط "الانسحاب"، بينما ترهن الأولى ذلك بالقضاء على كامل التهديدات الإرهابية التي تتعرض لها على طول حدودها الجنوبية.

تعليقات

محتوى الصفحة