القائمة الرئيسية

الصفحات

ذعر السيسي و ماكينة التشويه المصرية أسباب وأهداف

تشويه الإعلام المصري لانتصار الثورة السورية وأسبابه
في السنوات الأخيرة، كان الإعلام المصري، كغيره من وسائل الإعلام في بعض الدول العربية، طرفًا فاعلًا في تشكيل وعي الجماهير حيال القضايا الإقليمية، بما في ذلك الثورة السورية. 
ومع تصاعد الصراع في سوريا وتحول الثورة من حراك شعبي سلمي إلى أزمة معقدة متشابكة الأطراف، اتخذ الإعلام المصري موقفًا لافتًا في تشويه انتصار الثورة السورية، مما أثار تساؤلات عن الدوافع والأسباب التي تقف وراء هذا الموقف.
تشويه الإعلام المصري للثورة السورية
1. خطاب الإعلام الرسمي وشبه الرسمي:
استخدم الإعلام المصري لغة تروج لفكرة أن الثورة السورية هي مؤامرة كونية تستهدف "الدولة السورية"، في محاولة لإبقاء بشار الأسد في موضع الضحية الذي يواجه تدخلات خارجية.
صُورت فصائل المعارضة على أنها ميليشيات إرهابية مدعومة من قوى دولية وإقليمية، مع تجاهل الخلفية الشعبية والحقوقية للثورة في بدايتها.
2. إخفاء الإنجازات والانتصارات:
عمد الإعلام إلى التقليل من قيمة الانتصارات التي تحققها المعارضة السورية أو القوى الثورية، سواء على الأرض أو في المحافل الدولية.
ركزت وسائل الإعلام على إبراز المشكلات الداخلية بين الفصائل المعارضة، مما يعطي انطباعًا بفشلها وعجزها عن تحقيق التغيير المنشود.
3. إبراز الأزمات الإنسانية بصورة منحازة:
ركز الإعلام المصري على الأزمات الإنسانية الناجمة عن الصراع، ولكن غالبًا من زاوية تحميل الفصائل المعارضة والجهات الخارجية المسؤولية عنها، متجاهلًا دور النظام السوري وحلفائه.
4. إعادة صياغة السردية:
تحولت الثورة السورية، في الخطاب الإعلامي المصري، من قضية مطلبية وحقوقية إلى صراع طائفي وديني، مما شوه جوهرها وشكلها الأصلي.
أسباب التشويه الإعلامي
1. التوجه السياسي للنظام المصري:
بعد الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين في مصر عام 2013، تحالف النظام المصري مع قوى إقليمية ودولية تدعم بقاء بشار الأسد في السلطة، مثل روسيا والإمارات. هذه التحالفات انعكست على التوجه الإعلامي الرسمي في مصر.
الخوف من تداعيات نجاح الثورة السورية قد يكون أحد الأسباب؛ فنجاح ثورة في سوريا ضد نظام استبدادي قد يلهم قوى المعارضة داخل مصر.
2. الترويج لفكرة "محاربة الإرهاب":
ركز النظام المصري على فكرة "محاربة الإرهاب" باعتبارها أساسًا لشرعيته داخليًا وخارجيًا. ومن هذا المنطلق، صُورت الثورة السورية على أنها مجرد تمرد مسلح تقوده جماعات إرهابية، لتعزيز هذه السردية.
3. الدعم الروسي والإيراني للنظام السوري:
تمتلك روسيا وإيران تأثيرًا كبيرًا على النظام السوري، وقد دعمتا رواية النظام إعلاميًا وسياسيًا. نظرًا للتقارب بين القاهرة وموسكو منذ 2014، تبنت وسائل الإعلام المصرية سرديات مماثلة لتلك التي يروج لها الإعلام الروسي.
4. السيطرة الأمنية على الإعلام:
الإعلام المصري يُدار بشكل كبير تحت إشراف أجهزة أمنية وسيادية، ما يجعله ملتزمًا بالرواية الرسمية للدولة، سواء كانت حول القضايا المحلية أو الإقليمية.
5. التحريض على الإسلام السياسي:
الثورة السورية بدأت بدوافع شعبية وسلمية، لكنها شهدت لاحقًا صعود قوى وفصائل ذات طابع إسلامي. الإعلام المصري استغل هذه النقطة لربط الثورة بجماعات الإسلام السياسي، التي يُعتبر التحريض ضدها جزءًا من خطاب النظام المصري.
انعكاسات التشويه الإعلامي
1. تشويه الوعي الجماهيري:
ساهم الإعلام المصري في خلق حالة من الانحياز السلبي ضد الثورة السورية لدى قطاعات واسعة من الشعب المصري، الذين باتوا ينظرون إلى القضية السورية من منظور مشوه وغير دقيق.
2. إضعاف التضامن الشعبي مع الثورة:
بسبب الروايات المضللة، تراجع التضامن الشعبي المصري مع الثورة السورية مقارنة بالسنوات الأولى من انطلاقتها، حيث كانت تحظى بدعم واسع.
3. تعزيز شرعية النظام السوري:
منح الإعلام المصري دعمًا ضمنيًا للنظام السوري من خلال الترويج لفكرة أنه "يحمي الدولة السورية" من التفكك، مما ساعد في تعزيز شرعية الأسد دوليًا وإقليميًا.
كيف يمكن مواجهة هذا التشويه؟
1. تعزيز الإعلام المستقل:
دعم وسائل الإعلام المستقلة التي تنقل الصورة الحقيقية للأحداث في سوريا يمكن أن يسهم في مواجهة التشويه الإعلامي.
2. رفع الوعي الجماهيري:
العمل على رفع وعي الجمهور المصري من خلال منصات بديلة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، التي يمكن أن تنقل الحقائق دون رقابة الدولة.
3. تسليط الضوء على جذور الثورة:
إعادة التأكيد على أن الثورة السورية بدأت كحراك شعبي سلمي يطالب بالحرية والكرامة، بعيدًا عن السرديات الطائفية والإرهابية
4. التعاون مع النشطاء السوريين:
يمكن للنشطاء والإعلاميين السوريين الذين يعيشون في مصر أو خارجها أن يسهموا في تصحيح الصورة المغلوطة عبر التواصل مع الجمهور المصري، تشويه الإعلام المصري لانتصار الثورة السورية هو انعكاس لتوجهات سياسية داخلية وخارجية، تهدف إلى حماية المصالح الإقليمية وتحقيق مكاسب آنية للنظام الحاكم. ورغم ذلك، تبقى الحقيقة دائمًا أقوى من التزييف، مما يتطلب مزيدًا من الجهد لإبرازها وتوضيحها.
تشويه الإعلام المصري لانتصار الثورة السورية وأسبابه: دراسة حالة أحمد موسى وقناة صدى البلد
مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وتحولها إلى حراك شعبي واسع ضد النظام القائم، ظهرت مواقف إعلامية مختلفة تجاهها، تراوحت بين الدعم والتشويه. في مصر، انحاز الإعلام المصري الرسمي وشبه الرسمي إلى سردية داعمة للنظام السوري، وهو ما انعكس في خطاب قنوات مثل "صدى البلد" وبرامج إعلاميين بارزين مثل أحمد موسى. وقد ساهم هذا الخطاب في تشويه صورة الثورة السورية، وإعادة صياغة الوعي الجماهيري المصري تجاهها.
أمثلة من الإعلام المصري في تشويه الثورة السورية
1. برنامج أحمد موسى - "على مسؤوليتي":
أحمد موسى، أحد أبرز الإعلاميين المحسوبين على النظام المصري، لعب دورًا محوريًا في تشويه الثورة السورية. في حلقات متعددة من برنامجه "على مسؤوليتي" المذاع على قناة "صدى البلد"، وصف الثورة السورية بأنها "مؤامرة كونية" تستهدف تقسيم سوريا وتدمير جيشها.
ركز موسى على تصوير المعارضة السورية على أنها "إرهابية"، مؤكدًا أنها تتلقى دعمًا من دول أجنبية كتركيا وقطر، وهو خطاب ينسجم مع سياسات النظام المصري المناهضة للإسلام السياسي والداعمة لأنظمة الاستبداد الإقليمي.
أبرز تصريحاته:
"سوريا كانت مستهدفة مثلما استهدفت مصر، لكن جيشها صمد".
"الإخوان الإرهابيون دعموا الجماعات الإرهابية في سوريا لتدمير الدولة السورية".
2. قناة صدى البلد:
القناة، التي تُعد من أبرز المنابر الإعلامية الموالية للنظام المصري، كانت منصة دائمة لترويج السردية المؤيدة للنظام السوري. في تقاريرها الإخبارية وحلقات البرامج الحوارية، ركزت على:
تصوير بشار الأسد كـ"زعيم مقاوم" ضد الإرهاب العالمي.
تبرير التدخل الروسي والإيراني في سوريا باعتباره دفاعًا عن وحدة الدولة السورية.
التشكيك في التقارير الدولية حول الجرائم المرتكبة بحق المدنيين السوريين، مثل استخدام الأسلحة الكيميائية.
3. إعلاميون آخرون: عمرو أديب ولعمرو عبد الحميد:
عمرو أديب، رغم أنه أحيانًا يتخذ مواقف متباينة، كان أيضًا يميل إلى التشكيك في دوافع الثورة السورية، مؤكدًا على فوضى ما بعد الثورات العربية كدرس يجب أن تتجنبه الشعوب.
عمرو عبد الحميد على قناة "Ten TV" ركز على إبراز المشكلات الداخلية بين فصائل المعارضة، مما يعطي صورة متعمّدة عن انقسام المعارضة وضعفها.
تكتيكات الإعلام المصري في تشويه الثورة السورية
1. تصوير الثورة كمؤامرة خارجية:
من أبرز التكتيكات التي استخدمها الإعلام المصري هي الترويج لفكرة أن الثورة السورية ليست حراكًا شعبيًا نابعًا من الداخل، بل هي نتيجة تدخلات خارجية من دول مثل الولايات المتحدة وتركيا وقطر. أحمد موسى، على سبيل المثال، كثيرًا ما ردد أن الثورة جزء من "الربيع العربي المشؤوم"، الذي أدى إلى دمار دول مثل ليبيا واليمن.
2. الترويج لفكرة الإرهاب:
ركز الإعلام المصري على إبراز الفصائل الإسلامية المسلحة في المعارضة السورية، مثل جبهة النصرة وتنظيم داعش، وربطها بالثورة ككل. تجاهل الإعلام عمدًا أن الثورة بدأت سلمية، وأن هذه الجماعات ظهرت لاحقًا نتيجة تعقيد الصراع.
البرامج الحوارية على قناة "صدى البلد" كانت تحفل بتقارير عن "جرائم المعارضة"، مع تجاهل تام للجرائم التي ارتكبها النظام السوري.
3. إعادة تعريف الصراع على أسس طائفية:
لجأ الإعلام المصري إلى وصف الثورة السورية بأنها صراع طائفي بين السنة والشيعة، مما شوه طبيعتها الحقيقية كحراك شعبي ضد الاستبداد.
4. الترويج للتدخل الروسي والإيراني:
الإعلام المصري، وخاصة منابر مثل "صدى البلد" و"دي إم سي"، وصف التدخل الروسي في سوريا بأنه "خطوة إيجابية" لحماية الدولة السورية من الإرهاب، متجاهلًا تأثير هذا التدخل على المدنيين ودوره في ترسيخ النظام القمعي.
5. التقليل من جرائم النظام السوري:
تجاهل الإعلام المصري التقارير الدولية التي توثق جرائم النظام السوري، بما في ذلك قصف المدن واستخدام الأسلحة الكيميائية واعتقال وتعذيب الآلاف. بدلاً من ذلك، كان التركيز على تصوير النظام كضحية يواجه قوى كبرى تسعى إلى تدميره.
أسباب تبني الإعلام المصري لهذا الخطاب
1. التوجه السياسي للنظام المصري:
النظام المصري، بعد انقلاب 2013، تحالف مع روسيا وإيران، وهما من أبرز الداعمين لبشار الأسد. هذا التحالف انعكس على الموقف الإعلامي الرسمي، الذي يعكس في معظم الأحيان سياسات الدولة.
2. الخوف من نجاح الثورات الشعبية:
النظام المصري يرى في نجاح الثورة السورية تهديدًا له، لأن نجاحها قد يشجع الشعوب العربية، بما في ذلك الشعب المصري، على استكمال موجات التغيير التي بدأت في 2011.
3. مناهضة الإسلام السياسي:
نظرة الإعلام المصري للثورة السورية كحراك تدعمه فصائل إسلامية كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء تشويهها. فقد حاول الإعلام الربط بين الثورة والإخوان المسلمين، في إطار الحرب الشاملة التي يشنها النظام ضد جماعات الإسلام السياسي.
4. محاربة "الربيع العربي" ككل:
النظام المصري يتبنى خطابًا مناهضًا للربيع العربي، ويعتبره سببًا للفوضى والدمار في المنطقة. لذلك، كان من الطبيعي أن يتم وضع الثورة السورية ضمن هذه السردية السلبية.
نتائج التشويه الإعلامي على مصريين
1. تضليل الرأي العام المصري
أسهم الخطاب الإعلامي المصري في خلق صورة مشوهة عن الثورة السورية لدى قطاعات واسعة من المصريين، مما أدى إلى ضعف التضامن الشعبي مع الثورة.
2. إضعاف المعارضة السورية:
الدعم الإعلامي المصري للنظام السوري ساعد في إضعاف المعارضة السورية، خاصة على المستوى الدولي، حيث قدم صورة سلبية عنها.
3. ترسيخ السردية الداعمة للنظام السوري:
من خلال تجاهل جرائم النظام والترويج له كمدافع عن وحدة سوريا، ساهم الإعلام المصري في تعزيز شرعية بشار الأسد.
كيف يمكن مواجهة هذه الماكينة
1. التواصل المباشر مع الجمهور:
استخدام منصات التواصل الاجتماعي لنقل الصورة الحقيقية للثورة السورية، بعيدًا عن الرقابة الإعلامية.
2. إنتاج محتوى مضاد:
إنشاء برامج وثائقية وأفلام قصيرة توضح جذور الثورة السورية، وتفضح الجرائم التي ارتكبها النظام
في النهاية، تشويه الإعلام المصري للثورة السورية هو جزء من معركة أكبر تهدف إلى حماية الأنظمة السلطوية في المنطقة، لكن الحقيقة تظل دائمًا أقوى من التضليل، ومع الوقت ستظهر الرواية الصحيحة.

تعليقات

محتوى الصفحة