في ذاكرة الوطن الجريح، أسماء لا تموت، وأرواح تبقى حاضرة رغم الغياب...
رحاب علاوي، ليست مجرد اسم في سجل الشهداء، بل قصة شابة سورية حملت الثورة في قلبها، وعاشت من أجل الآخرين، ثم رحلت بصمت يشبه عظمة فعلها.
ابنة مدينة موحسن، المولودة في تدمر، والتي عاشت في دمشق، رحاب كانت نموذجًا للفتاة السورية التي تجاوزت القيود، وتقدّمت الصفوف بلا ضجيج ولا استعراض. لم تكن من نجوم المؤتمرات ولا من الباحثين عن الأضواء، لكنها كانت شعلة أمل وسط الظلام، ويداً حانية في زمن القسوة.
في كلية الهندسة المدنية، لم تدرس فقط قوانين البناء، بل حملت همّ الناس كما يحمل المعمار همّ الوطن.
استأجرت منازل للنازحين، واحتضنت بيوتهم الموجوعة بحنان نادر.
رافقت المعتقلين المفرج عنهم إلى بيوتهم، وكأنها تسير بالنور إلى العتمة.
لم تكتفِ بالدعم من بعيد، بل دخلت ميادين الثورة، هناك حيث الألم الحقيقي: في الإغاثة، في الدعم، في الحارات الضيقة، في البيوت المنسية… كانت واحدة من أولئك الذين لا تراهم الكاميرات، لكن الله يراهم، ويكتب أسماءهم في سجل الخالدين.
وفي ليلة باردة من ليالي كانون الثاني 2013، اقتحمت أجهزة المخابرات منزلها.
تم اقتيادها إلى الفرع 215 سيّئ الذكر، ومن هناك... لم تعُد.
لكن صوتها بقي.
"ادعولي أستشهد... ادعولي أموت"
لم يكن طلبًا للهروب، بل رجاءً بالخلاص... وفاءً لقضية آمنت بها حتى النهاية.
يا رحاب…
لو لم يخلّدك السوريون في ذاكرتهم، فبأي وجه نواجه دمك؟
إن لم يُحاسَب المجرمون، فماذا نقول أمام صمتك الأبدي؟
وإن نسينا أمثالك، فنحن من الخاسرين، من المُفرّطين، من المُنكّسين للكرامة... لا قدّر الله!
رحمك الله يا رحاب، وجعل ذكراك طريقًا للثبات، ولعنة على كل جلاد وظالم.
تعليقات
إرسال تعليق