في تحولٍ كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم أمس، 13 مايو 2025، عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية. يأتي هذا القرار بعد سقوط نظام بشار الأسد وصعود أحمد الشعار إلى سدة الحكم، وهو شخصية كانت مرتبطة سابقًا بتنظيم القاعدة تحت اسم "أبو محمد الجولاني" .
تفاصيل القرار
أعلن ترامب عن هذا القرار خلال منتدى الاستثمار الأمريكي-السعودي في الرياض، واصفًا العقوبات بأنها "تاريخية لكنها أصبحت ضارة" . وأشار إلى أن هذا التحول في السياسة جاء بناءً على طلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ويهدف إلى دعم الحكومة السورية الجديدة في جهودها لإعادة الإعمار والاستقرار .
العقوبات السابقة المفروضة على سوريا
منذ عام 1979، فرضت الولايات المتحدة مجموعة من العقوبات على سوريا، وتوسعت بشكل كبير بعد اندلاع الحرب الأهلية في 2011. تشمل هذه العقوبات:
الحظر التجاري: منع تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج، مثل معدات الاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة، إلى سوريا.
الحظر النفطي: حظر شراء النفط السوري والاستثمار في قطاع الطاقة، مما أدى إلى تراجع كبير في الإيرادات الحكومية .
تجميد الأصول: تجميد أصول الحكومة السورية والبنك المركزي، بالإضافة إلى أصول مسؤولين حكوميين وشخصيات مرتبطة بالنظام.
حظر التعاملات المالية: منع المؤسسات المالية الدولية من التعامل مع البنك المركزي السوري، مما عزل النظام المالي السوري عن النظام المصرفي العالمي.
القيود على السفر: فرض حظر على سفر المسؤولين السوريين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان إلى الدول الغربية.
قانون قيصر: دخل حيز التنفيذ في يونيو 2020، وفرض عقوبات مالية على مسؤولين سوريين ورجال أعمال، وكل أجنبي يتعامل مع دمشق، ونص على تجميد مساعدات إعادة الإعمار .
قانون الكبتاغون: استهدف مكافحة إنتاج وتجارة المخدرات في سوريا، وفرض عقوبات على أفراد وشركات متورطة في هذه الأنشطة .
ردود الفعل الإقليمية والدولية
رحبت دول مثل السعودية وتركيا وقطر وفرنسا بالقرار، معتبرةً إياه خطوة نحو استقرار سوريا وإعادة دمجها في المجتمع الدولي. من المتوقع أن يعقد وزراء خارجية الولايات المتحدة وتركيا وسوريا اجتماعًا في أنطاليا لمناقشة تفاصيل تنفيذ رفع العقوبات .
من ناحية أخرى، أعربت إسرائيل عن قلقها من صعود أحمد الشعار، نظرًا لتاريخه المرتبط بالتطرف، رغم تأكيد ترامب على أن الشعار أبدى استعدادًا للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام والاعتراف بإسرائيل .
التحديات المستقبلية
على الرغم من إعلان ترامب، فإن رفع العقوبات بشكل كامل يتطلب موافقة الكونغرس الأمريكي، خاصةً فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر. بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج الحكومة السورية الجديدة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لإثبات التزامها بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، وضمان احترام حقوق الإنسان، لكسب ثقة المجتمع الدولي.
في المجمل، يمثل هذا القرار تحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وقد يكون له تأثيرات بعيدة المدى على مستقبل البلاد والمنطقة بأسرها.
وفي هذا السياق القى الرئيس السوري أحمد الشرع خطابا
في مساء يوم 14 مايو 2025، ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع خطابًا متلفزًا من العاصمة دمشق، تناول فيه التطورات الأخيرة، وعلى رأسها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات المفروضة على سوريا.
أبرز مقتطفات الخطاب
1. الترحيب برفع العقوبات: أعرب الشرع عن ترحيبه بالقرار الأمريكي، واصفًا إياه بـ"الخطوة الشجاعة التي تفتح صفحة جديدة في العلاقات السورية-الأمريكية".
2. دعوة للمصالحة الوطنية: دعا الشرع جميع الأطياف السياسية والاجتماعية في سوريا إلى المشاركة في حوار وطني شامل، مؤكدًا أن "الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد لبناء سوريا المستقبل".
3. التركيز على إعادة الإعمار: أعلن عن إطلاق خطة وطنية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، مشيرًا إلى أن "سوريا بحاجة إلى جهود جميع أبنائها لإعادة بناء ما تهدم".
4. التأكيد على السيادة الوطنية: شدد الشرع على أن "سوريا ستظل دولة مستقلة ذات سيادة، ولن تسمح لأي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية".
5. الدعوة للتعاون الإقليمي والدولي: أعرب عن استعداد سوريا للتعاون مع جميع الدول الراغبة في دعم استقرارها وإعادة إعمارها، مؤكدًا أن "سوريا تمد يدها للجميع من أجل السلام والتنمية".
هذا الخطاب يأتي في وقت حساس تمر به سوريا، حيث تسعى الحكومة الجديدة إلى استعادة مكانتها الإقليمية والدولية بعد سنوات من العزلة والصراع.
تعليقات
إرسال تعليق